29 - 06 - 2024

تباريح | فشل ذريع للدولة

تباريح | فشل ذريع للدولة

(أرشيف المشهد)

  • 31-7-2015 | 02:15

عائد من زيارة استغرقت سبعة أيام للقرية التي اعطى 98 % من ناخبيها أصواتهم لمرسي ، زيارة لم تكن كسابقاتها في الحفاوة والترحيب ، وجوه لاتعلوها الابتسامة ، بل عبوس يدل على موقف مسبق مني بسبب آرائي السياسية ، باعتباري مؤيدا للسيسي.

بالتأكيد لم يقرأ الناس هناك ما أكتب منتقدا الرجل ونظامه وحاشيته ، بل يعتمدون على الانطباع الذي يخرجون به من مشاهدة الشاشات ، حيث اغلب البيوت تتنقل بين قنوات شبكة الجزيرة ومكملين ومصر الآن والشرق ، بينما الإعلام الآخر في نظرهم كاذب ومضلل ومنافق . وإضافة الى الثقافة الشفاهية التي تروج من قبل المتعاطفين مع الإخوان وهم الغالبية ، فإن هناك ثقافة المعايشة التي لاتريهم غير الوجه القبيح للدولة حيث حملات المداهمة الأمنية ، التي تعتقل أبرياء على خلفية رأيهم السياسي ، وغالبا ما ينظر إليهم على أنهم أبطال ، خصوصا وأنهم يخرجون سريعا حيث لا اتهامات ولا تحقيق نيابة ، وإنما مجرد تقارير أمنية ملفقة أو وشايات من مخبرين عادت لهم السطوة بشكل ألعن مما كان عليه الوضع أيام مبارك.

الخدمات غائبة والدولة ليست منشغلة بقرية برطباط شأنها شأن آلاف القرى الأخرى ، حيث تتجسد صورة الدولة القاهرة التي تسجن وتعتقل وتطلق النار على أبرياء لأنهم يحتجون ، كما تهيء لهم الشاشات التي يرونها ، وهي في أحسن الأحوال الدولة التي تأخذ ، تفرض الضرائب والغرامات والمخالفات ، ولا تعطي ، خدمات ورعاية ووجودا منصفا يطمئن الناس.

السيسي لا يزال في نظر الناس هناك الحاكم المستبد التي يقتل ويبطش ويعصف بالحرية والديمقراطية ، ولا يوفر عدالة قضائية وعدالة اجتماعية ومكافحة للفساد وإصلاحا لبنية الدولة على نحو مافعل عبد الناصر ، أما مرسي المعزول فهو الحاكم العادل المنتخب الذي لم يترك حتى يقيم العدل في البلاد ، هو الرجل الطيب المتواضع والحكيم الذي لابد أن يعود يوما إلى كرسي السلطة ليقوم ما اعوج.

السياسة في قريتي تختلط بالدين على نحو مزعج ، وحملات غسيل الدماغ والافتراء على النظام القائم وتصوير الأوضاع على غير الحقيقة التي تقوم بها القنوات المتعاطفة مع الإخوان ، لا تجد من يصححها ، فالإعلاميون والقنوات القريبة من النظام غير مقنعة للناس وبالتالي غير مؤثرة فيهم.

لذلك اقترح على الدولة – إن كانت مهتمة برأي هؤلاء البسطاء فيما تفعل – أن تنظم زيارات ميدانية لكبار المسؤولين إلى هذه القرى ، تعاين مشاكلهم وهمومهم عن قرب ، فالعصا الأمنية الغليظة تزيد الناس غضبا واحتقانا بلا مبرر ، وتجعل أهل القرية يصدقون أكاذيب ما أنزل الله بها من سلطان ، منها مثلا أن الشهيد محمد عبد الكريم ابن القرية الذي اغتاله الإرهاب الآثم في سيناء ، لم يكن غير حصاد "إرهاب السلطة".

لماذا لايقوم السيسي وكبار المسؤولين بزيارة برطباط و6 الاف قرية أخرى ، بدلا من الانشغال بتطريز قوانين تقمع الحريات ، فلا شيء يجدي إلا دولة توفر الأمن والحرية والرخاء الاقتصادي والاطمئنان لأبنائها . أما مايجري الآن فيجعل مصر في خطر عظيم.



مقالات اخرى للكاتب

تباريح | مصر ليست مجرد أغنية!





اعلان